فصل: تفاضل الأنبياء والرسل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة



.تفاضل الأنبياء والرسل:

الأنبياء سواء من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وإنما يكون التفاضل بين الأنبياء والرسل في زيادة الأحوال، والخصائص، والآيات، والمعجزات، والألطاف.
ولهذا منهم رسل، ومنهم أنبياء، ومنهم أولو عزم، ومنهم من اتخذه الله خليلاً، ومنهم من كلم الله، ورفع بعضهم درجات ونحو ذلك من الفضائل.
وأفضلهم في ذلك كله سيد ولد آدم محمد- صلى الله عليه وسلم-.
1- قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة/253].
2- قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)} [الإسراء/55].
3- قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)} [النساء/125].
4- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ». أخرجه مسلم.
5- وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الْأُولَى». متفق عليه.

.ثمرات الإيمان بالأنبياء والرسل:

معرفة رحمة الله عز وجل بعباده، وعنايته بهم، حيث أرسل إليهم الرسل يهدونهم إلى عبادة ربهم، وكيف يعبدونه.
ومنها: حمد الله وشكره على هذه النعمة.
ومنها: محبة الرسل والثناء عليهم من غير إطراء؛ لأنهم رسل الله، قاموا بعبادته، وإبلاغ رسالته، والنصح لعباده.

.أفضل الأنبياء والرسل:

محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-

.نسبه ونشأته- صلى الله عليه وسلم-:

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وأمه آمنة بنت وهب.
ولد- صلى الله عليه وسلم- بمكة عام الفيل الموافق لعام 570م، مات والده عبد الله وهو حمل في بطن أمه، ولما ولد كفله جده عبد المطلب وماتت والدته آمنة وهو ابن ست سنين، ولما مات جده كفله عمه أبو طالب.
وعاش- صلى الله عليه وسلم- عظيم الأخلاق، طيب الشمايل، حتى لقبه قومه بالأمين، وعلى رأس الأربعين من عمره نبئ محمد- صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه الحق وهو بغار حراء.
ثم بدأ- صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الإيمان بالله ورسوله، وعبادة الله وحده، فلقي صنوفاً من الأذى، فصبر حتى أظهر الله دينه، وهاجر إلى المدينة، فشُرعت الأحكام، وعز الإسلام، وكَمُل الدين.
ثم مات- صلى الله عليه وسلم- يوم الإثنين من ربيع الأول عام أحد عشر من الهجرة، وعمره ثلاث وستون سنة، ولحق بالرفيق الأعلى بعدما بَلَّغ البلاغ المبين، ودَلَّ الأمة على كل خير، وحذرها من كل شر، فصلوات الله وسلامه عليه.

.خصائصه- صلى الله عليه وسلم-:

من خصائص النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسالته عامة للثقلين، أرسله الله رحمة للعالمين، وأُسري به إلى بيت المقدس، وعُرج به إلى السماء، وناداه الله بوصف النبوة والرسالة.
وقد خصه الله دون الأنبياء بخمس.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُوراً، فَأيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أمَّتِي أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً». متفق عليه.
ومما يخصه- صلى الله عليه وسلم- دون أمته: الوصال في الصيام، والزواج بلا مهر، ونكاح أكثر من أربع نساء، وعدم أكل الصدقة، وأنه يسمع ما لا يسمع الناس، ويرى ما لا يرون كما رأى جبريل- صلى الله عليه وسلم- على صورته التي خلقه الله عليها، وأنه لا يورث.

.بدء الوحي إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-:

عَنْ عَائِشَةَ أمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قَالَتْ: أوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ-وَهُوَ التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلَى أهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قال: «مَا أنَا بِقَارِئٍ».
قال: «فَأخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قلت: مَا أنَا بِقَارِئٍ»، فَأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقلت: «مَا أنَا بِقَارِئٍ»، فَأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)}.
فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها فَقَالَ «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي». فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ.
فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أسَدِ ابْنِ عَبْدِالعُزَّى، ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَءاً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإنْجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- خَبَرَ مَا رَأى.
فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعاً، لَيْتَنِي أكُونُ حيّاً إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-: «أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ». قال: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إلا عُودِيَ، وَإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّراً. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ. متفق عليه.

.أفعاله- صلى الله عليه وسلم-:

حكم أفعال النبي- صلى الله عليه وسلم-:
أفعال النبي- صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أقسام:
الأول: الفعل الجبلِّي المحض، الذي تقتضيه الطبيعة البشرية كالقيام والقعود، والأكل والشرب، والنوم والسهر، فهذا لم يفعله- صلى الله عليه وسلم- للتشريع والتأسي، فلا يقول أحد: أقوم وأقعد تقرباً إلى الله، واقتداء بنبيه- صلى الله عليه وسلم-.
الثاني: الفعل التشريعي المحض كأفعال الصلاة، وأفعال الحج ونحو ذلك من أحكام الشريعة، فهذا وأمثاله فَعَله النبي- صلى الله عليه وسلم- من أجل التأسي به فنفعله.
الثالث: الفعل المحتمل للتشريعي والجبلِّي.
وضابطه: أن تكون الجبلَّة البشرية تقتضيه، ولكنه وقع متعلقاً بعبادة أو في وسيلتها كالركوب في الحج، وجلسة الاستراحة في الصلاة، والرجوع من صلاة العيد من طريق أخرى، والضجعة على الشق الأيمن بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، والنزول بالمحصَّب بعد النفر من منى ونحو ذلك.
فهذا وأمثاله محتمل للأمرين، ولمن شاء فِعْله أو تَرْكه.

.أزواجه- صلى الله عليه وسلم-:

أمهات المؤمنين هن زوجات الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، وكلهن مسلمات، طيبات، طاهرات، نقيات، مبرآت من كل سوء يقدح في أعراضهن، وهن:
خديجة بنت خويلد، وعائشة بنت أبي بكر، وسَودة بنت زَمْعة، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وصفية بنت حيي، وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهن أجمعين.
مات قبله منهن خديجة، وزينب بنت خزيمة، وتوفيت الباقيات بعده.
وأفضل أزواجه- صلى الله عليه وسلم- خديجة وعائشة رضي الله عنهن أجمعين.

.أولاد الرسول- صلى الله عليه وسلم-:

1- ولد للرسول- صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أبناء: القاسم، وعبد الله، من خديجة، وإبراهيم من سُرِّيَّته مارية القبطية، وجميعهم ماتوا صغاراً.
2- أما البنات: فولد له عليه الصلاة والسلام أربع بنات زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وكلهن وُلدن من خديجة، وتزوجن ومتن قبله إلا فاطمة، فماتت بعده، وجميعهن مسلمات طيبات طاهرات رضي الله عنهن أجمعين.

.أصحاب الرسول- صلى الله عليه وسلم-:

أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- هم خير القرون، ولهم فضل عظيم على جميع الأمة،
اختارهم الله لصحبة نبيه، فآمنوا بالله ورسوله، وقاموا بنصرة الله ورسوله، وهاجروا من أجل الدين، وآووا ونصروا من أجل الدين، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، حتى رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأفضلهم المهاجرون ثم الأنصار.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِيْنَهُ، وَيَمِيْنُهُ شَهَادَتَهُ». متفق عليه.

.محبة أصحابه- صلى الله عليه وسلم-:

من علامات الإيمان: محبتهم جميعاً بالقلب، والثناء عليهم باللسان، والترضي عنهم، والاستغفار لهم، والكف عما شجر بينهم، وعدم شتمهم؛ وذلك لما لهم من المحاسن والفضائل، والمعروف والإحسان، ونصرة الله ورسوله بالطاعة والجهاد في سبيل الله، والدعوة إليه، والهجرة والنصرة، وبذل أموالهم وأنفسهم في سبيل الله ابتغاء مرضاة الله، فرضي الله عنهم أجمعين.
1- قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة/100].
2- وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)} [الأنفال/74].
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ». متفق عليه.

.5- الإيمان باليوم الآخر:

- اليوم الآخر: هو يوم القيامة الذي يبعث الله فيه الخلائق للحساب والجزاء، سمي بذلك: لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار.

.أشهر أسماء اليوم الآخر:

يوم القيامة، يوم البعث، يوم الفصل، يوم الخروج، يوم الدين، يوم الخلود، يوم الحساب، يوم الوعيد، يوم الجمع، يوم التغابن، يوم التلاق، يوم التناد، يوم الحسرة، الصاخة، الطامة الكبرى، الغاشية، الواقعة، الحاقة، القارعة.
وكثرة الأسماء تدل على عظمة المسمى.

.الإيمان باليوم الآخر:

هو التصديق الجازم بكل ما أخبر الله ورسوله به مما يكون في ذلك اليوم العظيم من البعث، والحشر، والحساب، والصراط، والميزان، والجنة، والنار وغير ذلك مما يجري في عرصات القيامة.
ويلحق بذلك ما يكون قبل الموت من علامات الساعة وأشراطها، وما يكون بعد الموت من فتنة القبر، وعذاب القبر ونعيمه.

.عظمة اليوم الآخر:

الإيمان بالله واليوم الآخر أعظم أركان الإيمان، وعليهما مع بقية أركان الإيمان مدار استقامة الإنسان وفلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة.
ولأهمية هذين الركنين يقرن الله بينهما كثيراً في آيات القرآن.
1- قال الله تعالى: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [الطلاق/2].
2- وقال الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [النساء/87].
3- وقال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء/59].

.فتنة القبر:

1- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في جنازة.....-وفيه- قال النبي- صلى الله عليه وسلم- «وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِيْنُكَ؟ فَيَقُولُ: دِيْنِيَ الإسْلامُ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيْكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم-...». أخرجه أحمد وأبو داود.
2- وعن أنس رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «العَبْدُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقَولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ- صلى الله عليه وسلم-؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ: انْظُرْ إلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الجَنَّةِ». قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً، وَأَمَّا الكَافِرُ أَوِ المنَافِقُ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ: لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيْدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيْحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيْهِ إلا الثَّقَلَيْنِ». متفق عليه.

.أنواع عذاب القبر:

عذاب القبر نوعان:
1- عذاب دائم لا ينقطع إلى قيام الساعة، وهو عذاب الكفار والمنافقين كما قال سبحانه عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر/46].
2- وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْل الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ الله إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». متفق عليه.
2- عذاب له أمد ثم ينقطع، وهو عذاب عصاة الموحدين فيعذب بحسب جرمه، ثم يخفف عنه العذاب، أو ينقطع بسبب رحمة الله، أو حصول مكفرات للذنوب من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ونحو ذلك.
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ، إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ إلَيه يَومَ القِيَامَةِ». متفق عليه.
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم-: «يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ» ثُمَّ قَالَ: «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا». متفق عليه.